الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة
3- محل الكفالة: قد تكون الكفالة بالمال، ويطلق عليها كثير من الفقهاء: الضمان، وقد تكون بالنفس، ويطلق عليها البعض: كفالة البدن، وكفالة الوجه. * أولا- كفالة المال: قد يكون المكفول به دينا، وقد يكون عينا، والحكم يتغير في كل حالة. ويشترط الفقهاء لصحة كفالة الدين: أن يكون دينا صحيحا، وأن يكون واجبا في الذمة. ويقصد بكفالة العين: أن يلتزم الكفيل برد نفس العين إن كانت قائمة، وبرد مثلها أو قيمتها إذا تلفت، وللفقهاء في حكم كفالة الأعيان تفصيل يرجع إلى ثبوت الحق في ذمة الأصيل أو عدم ثبوته. * ثانيا- كفالة النفس: وهي التزام الكفيل بإحضار المكفول إلى المكفول له أو إلى مجلس الحكم أو نحو ذلك، وفي هذه الحالة يتحد المكفول به والمكفول عنه. وقد اختلفت كلمة الفقهاء في حكم الكفالة بالنفس، وفي مضمونها، فذهب الجمهور إلى أن الكفالة بالنفس صحيحة، للأدلة السابقة. قال البهوتي: (والجمهور على جوازها لعموم حديث «الزعيم غارم» ولدعاء الحاجة إلى الاستيثاق بضمان المال والبدن، وكثير من الناس يمتنع من ضمان المال فلو لم تجز الكفالة لأدى إلى الحرج وتعطل المعاملات المحتاج إليهما). 4- الكفالة في الحدود والقصاص: نقل ابن المنذر رحمه الله الإجماع على عدم جواز الكفالة في الحدود فقال: (وأجمعوا على أنه لا تجوز الكفالة في الحدود). وقال ابن قدامة: (ولا تصح الكفالة ببدن من عليه حد، سواء كان حقا لله تعالى، كحد الزنى والسرقة، أو لآدمي كحد القذف والقصاص. وهذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم شريح والحسن. وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى، واختلف قوله في حدود الآدمي، فقال في موضع: لا كفالة في حدود الآدمي ولا لعان. وقال في موضع: تجوز الكفالة بمن عليه حق أو حد؛ لأنه حق لآدمي، فصحت الكفالة به، كسائر حقوق الآدميين. ولنا ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا كفالة في حد». ولأنه حد، فلم تصح الكفالة فيه كحدود الله تعالى، ولأن الكفالة استيثاق، والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات، فلا يدخل فيها الاستيثاق، ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه، إحضار المكفول به، فلم تصح الكفالة بمن هو عليه، كحد الزنى). وقال البهوتي: (ولا تصح، الكفالة ببدن من عليه حد أو قصاص لإقامة الحد؛ لأنه لا يجوز استيفاؤه من الكفيل، كحد زنا وسرقة وقذف، وشرب، إلا إذا كفل بدنه لأجل مال بالدفع، أي: بالعفو إلى الدية ليدفعها، وإلا إذا ضمن السارق بسبب غرم السرقة، أي: المسروق فتصح؛ لأنه حق مالي). 5- الكفالة في نظام الإجراءات الجزائية: لم يرد نظام الإجراءات الجزائية ما يوجب الكفالة عند الإفراج عن المتهم في قضايا جنائية، بل الذي يفهم منه هو عدم اشتراط الكفالة عند الإفراج ففي المادة الرابعة عشر بعد المائة أطلق الإفراج ولم يقيده بكفالة؛ ونصت المادة العشرون بعد المائة أن للمحقق أن يأمر بالإفراج عن المتهم بشرط أن يتعهد المتهم بالحضور إذا طلب منه ذلك؛ والمادة الحادية والعشرون بعد المائة نصت صراحة على أن شرط الإفراج أن يقدم المتهم محلا يوافق عليه المحقق. ويستفاد من ذلك أن ربط المتهم الذي يفرج عنه في قضية جنائية بالكفالة لا يشترط بل يكتفى بعنوان محل إقامته الواضح الذي يقتنع به المحقق، كما لو كان يعمل في جهة حكومية معينة، أو كان صاحب محلات ومؤسسات تجارية ظاهرة ومعروفة في البلد، أو كأن يكون شخصاً معروفاً له شهرته، كشيوخ القبائل وعمداء الأسر والأحياء. .231- كولونيا: 1- التعريف:الكولونيا: اسم غير عربي وهو مستحضر عطري، لكنه يحتوي على نسبة عالية من المواد الكحولية المسكرة. 2- حكم التطيب بالكولونيا: يقول الإمام الشنقيطي رحمه الله: (فالمسكر الذي عمت به البلوى اليوم بالتطيب به المعروف في اللسان الدارج بالكولانيا نجس لا تجوز الصلاة به، ويؤيده أن قوله تعالى في المسكر {فاجتنبوه} يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المسكر، وما معه في الآية بوجه من الوجوه كما قاله القرطبي وغيره.. ثم قال: لا يخفى على منصف أن التضمخ بالطيب والتلذذ بريحه واستطابته واستحسانه مع أنه مسكر، والله يصرح في كتابه بأن الخمر رجس فيه ما فيه، فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه إنه رجس، كما هو واضح، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإراقة الخمر، فلو كانت فيها منفعة أخرى لبينها كما بين جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولما أراقها). قلت: ولم يصبح استعمال الكولونيا في هذا الزمان مقتصرا على التطيب بها بل إن بعض الأشخاص يقومون بتعاطي الكولونيا لأغراض السكر بعد مزجها بالماء، وهذا يزيدها قبحا وتحريماً، وحكمها حكم المسكر لأنها تغيب العقل، وذلك بسبب احتوائها على نسبة عالية من الكحول، وقد رأيت في أحد المحلات زجاجة كولونيا وقد كُتبت نسبة الكحول فيها (80?) ومع ذلك تباع في المحلات والبقالات على أنها عطر، ومعظم حالات السكر اليوم خاصة ما يقع من الشباب يكون بسبب تعاطي الكولونيا التي يجدونها في متناول أيديهم رخيصة الثمن. ولهذا فإننا نطالب بمنعها من الأسواق، أو تحديد مواصفات ومقاييس تضمن خلوها من مادة الكحول المسكر. 3- عقوبة تعاطي الكولونيا لغرض السكر: من تعاطى الكولونيا بقصد السكر فحكمه حكم متعاطي الخمر المسكر، وسيأتي بيان العقوبة المترتبة على ذلك في مصطلح: مسكر. .232- كيد: 1- التعريف:الكَيْد في اللغة: هو المكر، والخبث؛ والمكيدة: المخاتلة والحيلة. جاء في لسان العرب: الكَيْدُ من المَكِيدَة، وقد كاده مَكِيدةً. والكَيْدُ: الخُبثُ والمَكْرُ؛ كاده يَكِيده كَيْداً ومَكِيدَةً، وكذلك المكايَدةُ. وكلُّ شيء تعالجُه، فأَنت تكِيدُه. وفي الاصطلاح: الكيد إرادة مضرة الغير خفية. هكذا عرفه الجرجاني ثم قال: وهو من الخَلق: الحيلة السيئة؛ ومن الله: التدبير بالحق لمجازاة أعمال الخلق. 2- ضوابط الدعاوى الكيدية: صدر قرار مجلس الوزراء رقم 94 وتاريخ 25/4/1406هـ بشأن الموافقة على قواعد الحد من آثار الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة؛ وقد جاء في بعض مواده النص التالي: 1- رفع الشكاوى حق لكل شخص. 2- من قدم شكوى في قضية منتهية بحكم أو قرار يعلمه وأخفاه في شكواه فيجوز إحالته للمحكمة المختصة لتقرير تعزيره. 3- من اعترض على حكم أو قرار نهائي مكتسب القطعية بقناعة أو تدقيق من جهات الاختصاص، وثبت لدى المحكمة أنه لم يقدم وقائع جديدة تستوجب إعادة النظر في الحكم أو القرار فيؤخذ التعهد اللازم عليه في المرة الأولى بعدم الاعتراض على الحكم أو القرار فإذا تكرر منه ذلك يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تعزيره. 4- من تقدم بدعوى خاصة وثبت للمحكمة كذب المدعي في دعواه فللقاضي أن ينظر في تعزيره وللمدعى عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذه الدعوى. 5- دون الإخلال بالعقوبات التأديبية المنصوص عليها في الأنظمة الأخرى تتولى المحاكم المختصة وفقا لنظام القضاء تقرير العقوبة التعزيرية عن المخالفات المنوه عنها في المواد السابقة بناء على دعوى الادعاء العام مع مراعاة ما ورد في المادة الرابعة. .حرف اللام: .233- لواط: 1- التعريف:اللواط في اللغة: مصدر لاط، يقال: لاط الرجل لواطاً ولاوَطَ، أي عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط. وفي اصطلاح الفقهاء: هو إيلاج الحشفة أو قدرها في دبر ذكر ولو عبده أو أنثى غير زوجته وأمته. وعُرِّف بأنه: كلمة تطلق على الشذوذ الجنسي، وذلك بالعملية الجنسية بين ذكرين، أي إتيان الذكر في دبره، كما تؤتى المرأة في فرجها. 2- حكم اللواط: اللواط محرم بالكتاب والسنة، والإجماع. قال تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف 80]. وقال تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء 165-166]. وروى الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط». ونقل ابن قدامة الإجماع على تحريم اللواط، فقال: (أجمع أهل العلم على تحريم اللواط). 3- أول من ارتكب جريمة اللواط: قال الإمام البغوي رحمه الله: (... وقال الكلبي إن أول من عمل، عمل قوم لوط إبليس، لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان، فتمثل لهم إبليس في صورة شاب ثم دعا إلى دبره فنكح في دبره، فأمر الله تعالى السماء أن تحصبهم والأرض أن تخسف بهم). وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: (ولوط بن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام، وكان قد آمن مع إبراهيم، عليه السلام، وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله تعالى إلى أهل سدوم وما حولها من القرى، يدعوهم إلى الله عز وجل، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم، وهو إتيان الذكور دون الإناث، وهذا شيء لم يكن بنوا آدم تعهده ولا تألفه ولا يخطر ببالهم حتى صنع ذلك أهل سدوم عليهم لعائن الله). 4- أضرار اللواط ومفاسده: قال الرحيباني رحمه الله: (إن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد، ولأن يقتل المفعول به خير له من أن يؤتى فإنه يفسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا، ويذهب خيره كله، وتمتص الأرض ماوية الحياء من وجهه، فلا يستحي بعد ذلك من الله تعالى ولا من خلقه, وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن، وهو جدير أن لا يوفق لخير, وأن يحال بينه وبينه, وكلما عمل خيرا قيض له ما يفسده عقوبة له؛ وقل أن ترى من كان كذلك في صغره إلا وهو في كبره شر مما كان، ولا يوفق لعلم نافع، ولا عمل صالح، ولا توبة نصوح غالبا. إذا تقرر هذا, فمفسدة اللواط من أعظم المفاسد، وعقوباته من أعظم العقوبات في الدنيا والآخرة). قلت: اللواط له أضرار شنيعة على الفرد والمجتمع لا تخفى على كل عاقل سليم الفطرة، نذكرها باختصار: 1- اللواط معصية لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم. 2- اللوطي ينصرف عن الرغبة في النساء، ولا يستطيع مباشرتهن، فتتعطل بذلك أهم وظائف الزواج وهي النسل. 3- اللواط يسبب كثيرا من الأمراض، العصبية والنفسية. (راجع: مصطلح: زنا). 5- بم يثبت اللواط؟ يثبت اللواط بما يثبت به الزنا. (راجع: مصطلح: زنا). 6- عقوبة اللواط: اختلف الفقهاء رحمهم الله في عقوبة اللوطي، وقد أورد ابن حزم رحمه الله أقوال العلماء في ذلك مختصرة، ثم بسط القول في ذلك، وذكر أدلة كل قول ومناقشته، ونورد هنا ما ذكره مختصرا حيث قال: (فعل قوم لوط من كبائر الفواحش المحرمة: كلحم الخنزير، والميتة، والدم، والخمر، والزنى، وسائر المعاصي، من أحله أو أحل شيئا مما ذكرنا فهو كافر، مشرك حلال الدم والمال؛ وإنما اختلف الناس في الواجب عليه: فقالت طائفة: يحرق بالنار الأعلى والأسفل. وقالت طائفة: يحمل الأعلى والأسفل إلى أعلى جبل بقرية- فيصب منه، ويتبع بالحجارة. وقالت طائفة: يرجم الأعلى والأسفل- سواء أحصنا أو لم يحصنا. وقالت طائفة: يقتلان جميعا. وقالت طائفة: أما الأسفل فيرجم- أحصن أم لم يحصن- وأما الأعلى فإن أحصن رجم، وإن لم يحصن جُلد جلد الزنى. وقالت طائفة: الأعلى والأسفل كلاهما سواء- أيهما أحصن رجم، وأيهما لم يحصن جلد مائة، كالزنى. وقالت طائفة: لا حد عليهما ولا قتل، لكن يعزران). |